هذا مثال جميل ورائع .. كلٌّ منا يحتاج إلى تدبره ...
لاسيما الذين يريدون التأثير على الآخرين .. أو يريدون الانتفاع بأوقاتهم ..
هذا المثال طبَّقه بعض الأخوة والأخوات - عملياً - ووجدوا ثمرته بوضوح .
أحد الأخوة يؤكد أنه منذ أن سمع هذا المثال أصبح يجعله مدخلاً جميلاً ورائعاً للحديث مع الآخرين .. منه ينطلق بهم ، ويحلِّق معهم .. وإليه يعود !!
ركزوا في المثال جيداً ..
أنت الآن في ضيافة صديق عزيز عليك .. يفرح بك ... يستقبلك بحفاوة ..
يقدّم لك كوباً من الشاي ، لأنه يعلم أنك تحب الشاي ..!!
غير أنك حين تذوقته امتعضت جداً ، وظهر الامتعاض على وجهك ..
لماذا ؟ لأنه شديد المرارة ، لا يوجد به سكر على الإطلاق !...…
أدرك الصديق هذا بسرعة فبادر يعتذر إليك ..
ويخبرك أن السكر في قاع الكأس .. وأنه نسي أن يحركه ..
ثم ناولك ملعقة لتحرِّك بها السكر .. ولما تذوقت الشاي هذا المرة ..
هززت رأسك إعجاباً ، وارتشفت استمتاعاً .. وشكرت سعيداً ..!!
والآن لننتبه :
قالوا : السكر في قاع الكأس .. رمز لمحبة الله في قاع القلب ..
بشيء من التحريك لبعض المعاني الروحية السماوية الراقية
يمكننا أن نحرِّك تلك المحبة في قلب الإنسان ..
فنكون كمن ينفخ الرماد عن نار تحته ..
وبإعادة المحاولة والإصرار عليها
نتمكن بعون الله من إثارة النار من تحت الرماد .. فتتلألأ وتتوهج ..
فأصل المحبة موجود في جذر قاع القلب ..
وهذا أمر تؤكِّده نصوص الوحي - قرآن و سنَّة -
قال الله تعالى :
((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ))
وفي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء
فمعرفة الله تعالى موجودة في أصل القلب ، لأن الروح عارفة بربها في الأصل ولكن تراكمت عليها ألوان من الغبار والصدأ والأشياء بسبب الغفلات والزلات..
فحجبت هذه المحبة.. فلا تظهر في جلاء على سلوكيات الإنسان ..
فإذا استطعنا أن ننفض هذه الكميات من الغبار والصدأ عن هذا القلب حتى تنكشف الأنوار عن هذه المعرفة التي تنضح بالمحبة ..
فإننا نكون قطعنا شوطاً كبيراً جداً في صلاح هذا الإنسان ..لأن من ثمرات سطوع أنوار محبة الله بقوة في قلب الإنسان
أن يجد نفسه بشكل تلقائي يتجه في كل تصرفاته نحو ربه سبحانه ..
الكلمة يقولها يحسب لها حساباً .. النظرة يلقيها يحسب لها حساباً ..
العمل يؤديه يحسب له حساباً .. لأنه يدرك تماماً أنه مع الله قريب منه ، يراقبه ، ويحصي عليه حتى أنفاسه ، وأنه كلما استقام مع ربه ،
زاده أنواراً على أنوار حتى تفيض هذه الأنوار على كل جارحة من جوارحه ..
ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل :
ما تقرّب إلي عبدي بشيء ٍ أحب إليّ مما افترضته عليه ..
ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ..
فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به .. وبصره الذي يبصر به ..
معنى ذلك : أن هذا الإنسان يصبح ربانياً ..
لا يتصرف ولا يتحرك إلا وملء حسه : رقابة الله عليه ..
وعلى باله دائماً : قرب الله منه
فإذا دام على ذلك .. كانت الثمرة ما أشار إليه الحديث الآتي
ويا لها من ثمرة تستحق أن يبذل من أجلها الغالي والنفيس :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا أحب الله عبداً نادى جبريل : يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه ..
فيحبه جبريل .. ثم ينادي في أهل السماء :
يا أهل السماء إن الله أحب فلاناً فأحبُّوه .. فيحبه أهل السماء ..
ثم يوضع له القبول في الأرض ..
يا لله ما أروعها من ثمرة ..
فأين أصحاب الهمة الذين لا يرضون بغير القمة !؟
إننا نرى أكثر الخلق من أجل أن ينال إعجاب الآخرين يبذل الكثير الكثير ..
وهذا الحديث يعلِّمك كيف تطلب الأرقى .. فتحبك الملائكة ..
وتصبح مشهوراً في السماء ،
معروفاً في أجواء الملائكة !!!! ثم يبارك الله لك في الأرض ..!
والله إنها لصفقة لا يُحرم منها إلا محروم خائب
على نفسه فليبكِ من ضاعَ عمره ****** وليس له منها نصيبٌ ولا سهمُ
هل تلاحظون أن الموضوع كله انصبَّ على ذلك المثال البسيط الساذج !!
منه بدأنا وشققنا .. ومعه سرنا وحلقنا .. وإلى معناه انتهينا وسعدنا !!
وبالله التوفيق ..